الفصل الأخير في لبنان

الفصل الأخير في لبنان

  • الفصل الأخير في لبنان

اخرى قبل 5 سنة

 

الفصل الأخير في لبنان

بكر أبوبكر

في الفصل الأول من الحِراك الشعبي العربي في دولنا نجحت حِراكات سواء أسميت ربيعا أو خريفا.

وبعض الحِراكات قفز عليها كبار الساسة ومعهم بعض المتدثرين بالدين فأدلجوها، وحاولوا سرقتها وحرفوها لولا عناية الله، ووعي الشعب بثورته الثانية كما حصل في مصر.

 

وفي بعضها الآخر مازال الاقتتال قائما بين القوى، ومنها قوى النظام البائد مع قوى التحامل الاقليمي على وعي الأمة، وقوى احتضان النفط والثرواث واهراق دماء أبناء الأمة لمصلحة "الاسرائيلي" والأغراب.

 

سقط المؤدلِجون للحراكات العربية مرتين، مرة بانكشافهم وبثورة الشعب عليهم، ومرة بعدم القدرة على ابتلاع الهزيمة والاعتراف بالخطايا، وعبر تكرار رفع مصحف المظلومية على إسنة الرماح ومازالوا ينشرون الذباب الالكتروني الذي يبشّر بأوهامهم التي سقطت بعد ٨٠ عاما من الخديعة للدين والناس.

 

الموجة الأولى أو الفصل الأول من الحراكات العربية منها ما تواصل ربيعًا كما هو الحال في تونس التي ضربت فيها الأحزاب -وعلى رأسها النهضة- المثل الكريم في تقديم البلد على الحزب، وفي فصل الديني العقدي عن السياسي الحياتي وكما الحال في المغرب.

 

وتحولت الحراكات العربية التي فُكرِنت "أُدلِجت" وعصفت فيها رياح الإقليم وشهوة السلطة وتقاطع المصالح العالمية الى ركام أو تكاد، كما الحال في ليبيا، وسوريا المطلوب تدمير جيشها-كما كان يُراد لمصر المحروسة-لمصلحة "إسرائيل".

 

تأتي الموجة الثانية الحالية أو الفصل الثاني مع الثورة السودانية ضد الفكر الديني المؤدلج الذي قسّم البلاد والعباد واحتربها، وضد الطبقة السياسية الفاسدة في العراق، وضد العجز الحكومي السابق في الجزائر، ومؤخرا ضد تدهور اوضاع الشعب في لبنان.

 

كيف لنا ألا نقف مع العراق العفيّ الذي رفض الطائفية وهتف لفلسطين؟ وكيف لنا ألا نحيي المغرب بأمازيغه وعربه وبكل أحزابه وهو ينتصر لحريته ووحدته ولفلسطين؟

 

وكيف لنا ألا نحب تونس بأحزابها وهي تضع الوطن فوق رؤوسها، وتنشد بشعبها وبرئيسها السابق والحالي لفلسطين؟

 

وكيف لا نحب مصر التي وعت وناضلت وأطاحت بسُرّاق الثورة فحافظت على جيشها المقدام وعلى البلد، وعلينا كواسطة عقد الأمة، وأنجبت جيل الغد؟

 

وكيف لا نحب السودان بقاماته العالية ونسوتِه الثائرات حين يُزهر نظاما ديمقراطيا واعيًا؟

 

وفي هذا الخضم ترتفع الرايات الوطنية الواحدة في لبنان بثورة الأرز الثانية ضد التقصير وضد المحاصصة وضد الفساد والهدر، بل وضد الطائفية والتحكم الحزبي في مقدرات الوطن، والتي لم تجد نفسها الا في الخندق الواحد مع فلسطين كما كانت-رغم فترة قاسية مرّت من الزمن- وكما ستظل.

 

لم يكن للحدود بين دول الشام أي قيمة عبر الزمان ومازالت الروابط غنيّة والنداءات قوية، فلبنان وفلسطين كما الاردن وفلسطين وكما سوريا وفلسطين قلبٌ واحد ينبض في أكثر من جسد.

 

في لبنان ضرب المنتفضون نموذجا مختلفًا استطاعوا به أن يُرعبوا الساسة بضحكاتهم ومرحهم وانفراج أساريرهم رغم الألم الشعبي في لبنان.

 

ومن لبنان تعلّمنا وعلّمنا أن الثورة على الواقع الفاسد مقاومة بحُب الوطن، وحب الحياة يحملونه معهم حيث حلّوا ورحلوا، ونحمله معنا رغم قهر الاحتلال الصهيوني البغيض لفلسطين الذي يأبى إلا قطع الشرايين ونشر الخرافات وإقفال المسار وفتح بيوت العزاء.

 

في لبنان التي كان الرصاص فيها يشق طريقه لقتل البسمات الطريّة واللفتات البهيّة والانعطافات الريانة يستبدل الناس أنفسهم أجربة "جمع جِراب" خناجرهم بالهواتف النقالة، والبندقية الموجهة لصدر الأخ باليد الحانية والمصافحة الصادقة وباقات الزهور.

 

في لبنان اكتشفنا حديثًا إنسانيتنا، وحبّنا للحياة، فلسنا استثناء بين شعوب الأرض، نحن العرب الفلسطينيون.

 

نحن مثلُهم، ومثل السودانيين والمصريين والتوانسة...، ومثلنا كلُ الأحرار نبغضُ الاحتلال ولن نستسلم.

 

ونرفض القهر والظلم، حيث أُذِن لنا من الله القتال، فلا نهابُ الشهادة، ولكن من القتال ما جلب الحياة وأغنى فينا العشق، (وان الله على نصرهم لقدير)

 

#بكر_أبوبكر

 

التعليقات على خبر: الفصل الأخير في لبنان

حمل التطبيق الأن